لن ننسى .. لن نسامح
- sanaelyounoussi

- Jan 16
- 2 min read
Updated: Jan 21
مع لحظة الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أمس، بدأت الأسئلة تتكاثر حول الوضع الجديد لغزة و عما ستؤول له الأمور.
ستتم قراءة الاتفاق عن من زوايا مختلفة، بين متفائل يرى فيه انتصارا كبير لرجال الله في غزة، و واقعي ينظر له بريبة و حذر، فإسرائيل لازالت لها اليد العليا كمستعمر مارق خارج عن كل القوانين و الأعراف الدولية .
أنا شخصيا، لا أراه انتصارا للمقاومة، و يدفعني لهذا التفكير، أنني لا يمكن أن أقبل أن تعود له الأمور لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر -وربما أسوأ- و أن يكون ثمن كل الدماء التي نزفت، فرحة خاطفة بتوقف القصف و العودة بعدها للعيش تحت الخيام و بين الأنقاض.
لا أحد ينكر أن ما حصل في غزة على مدار الخمسة عشر شهرا كان محطة فاصلة في نضال الشعب الفلسطيني منذ 77 عاما، لكن كيف سنستطيع العيش و التعايش مع الجراح التي خلفتها هذه الحرب، كيف سنثق فيما بعد بالبشرية التي خذلت شعبا أعزل، و بقيت تتفرج على شعب كامل يباد على الهواء مباشرة ؟
و لا أحد يستطيع أن ينكر أنه يُحسَب لهذه الحرب التي عرَّت العجز و النفاق الدولي، يُحسَب لها أنها أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، و صالحت جيل النكبة مع خيبتهم الكبرى، و أعادت بريقها لدى جيل الانتفاضتين الأولى و الثانية ، و شكلت وعيا بها لأجيال ما بعد ذلك.
لكن هل هذا لوحده يكفي أن نسمي ما حصل انتصارا؟
هل يجب أن نتوقع أن الأمور ستنتهي هنا أو على أبعد تقدير مع انتهاء مراحل تنفيذ بنود الاتفاق؟ قطعا لا !
دخل نتنياهو وفريقه السياسي والعسكري هذه الحرب بنية تهجير شعب غزة ، و القضاء نهائيا على حماس، و هو ما لم يتحقق، فخطة التهجير فشلت، و حماس لازالت موجودة و لو بدون قيادة أسطورية مثل الشهيد يحيى السنوار، فيما انتهى نتنياهو سياسيا داخل إسرائيل و ربما حتى خارجها بعدما وصفه ترامب ، سيد البيت الأبيض الجديد، بابن العاهرة ( و لو تلميحا) .
نتنياهو أيضا انتهى سياسيا، بسبب حكم الإعدام السياسي له الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية . لكن ربما ينبعث مجددا من رماده بمناورة سياسية جديدة ، لا أحد يدري و كل الاحتمالات واردة، و لا يجب الاستهانة بمكره و دهاءه المشبعين بروح الصهيونية المقيتة .
ربما لا يجب الإغراق في الواقعية بدرجة كبيرة، لكن لا أظن أن الخيارات المتاحة كثيرة. مطلوب منا اليوم أن نتحرر من عاطفيتنا الزائدة أما القضية الفلسطينية، و أن نتعامل معها كمسألة رياضية مستعصية. إسرائيل اليوم متفوقة تكنولوجيا و عسكريا ، و استطاعت أن تكبد أعداءها في المنطقة خسائر فادحة، بدءا بحماس و حزب الله و وصولا لإيران و ربما سوريا، و هي قادرة اليوم على إعادة تشكيل وجه المنطقة بعلاقاتها مع الدول العربية المُطَبّعة أو تلك التي لازال التطبيع معها مطروحا على الطاولة.
أخيرا، تفاءلوا كما تشاءون ،احتفلوا بنصر وهمي، هَنِّئوا أنفسكم كما شئتم ، لكن رجاء لا تنسوا أن دماء الشهداء التي أريقت، و آلاف الأطفال الذين شُوّهت أرواحهم قبل أجسادهم، لن يغفروا لنا خذلانا لهم .
لن ننسى
و لن نسامح








Comments